ظاهرة الشواد في فضاء سيدي علي بن حمدوش
( أيها الزوار الكرام : إن الشرفاء الحمدوشيين يتبرؤون من كل الأدعياء والدجالين ن فلا علاقة بالطريقة الحمدوشية بالطقوس والممارسات والبدع الضالة والمضلة التي اكتست احتفالات الذكرى عيد المولد النبوي الشريف، فالطريقة الحمدوشية طريقة صوفية سنية واحتفالات ذكرى السابع من مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ينبغي ألا تحيد عن تعاليم ديننا الحنيف كما ينبغي أن تعكس روح الإسلام وتبرز قيمه وقيمة الرسول الذي جاء للعالمين رحمة ونورا).
هذا النص كتب بخط عربي جميل و جذاب في الباحة الداخلية لضريح سيدي علي بن حمدوش يوضح لكل زائر أن الموسم هو للتعبد والاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وليس للدجل والشعوذة التي التصقت بالصورة العامة لهذا الموسم، غير أننا حين أردنا أن نتحقق من هذا القول والذي يبدو للزائر كشعار ليس إلا بالنظر الى ما يموج ويمورفي هذا الفضاء من طقوس غريبة عن صورة الاسلام ، سألنا أحد الشرفاء القيمين على الضريح، فدلنا على زميل له والذي حاول التخلص من أسئلتنا، وحينما حاصرناه بأسئلة مستفزة كما بدا له لمعرفة هذا التناقض الموجود ما بين الدعوة إلى الصوفية السنية كما هو مكتوب وما بين كثرة الهرطقات، تدخل الشريف الحمدوشي قائلا : ((سيروا في حالكم وخليو الناس تعيش وباركا من هذه الفلسفة))، الشيء نفسه أكده أحد السكان الأصليين وهو زرهوني كما قدم نفسه لنا، حيث ذهب إلى أن ما يلاحظ من فرق فلكلورية وجذبة وحضرة وعرافات … هذا كله ما هو سوى جمع المال وبكل الوسائل المتاحة، فلا يغرنكم العزف على الوتر الديني الذي يجيده الدجالون والمشعوذون. فالدور، مثلا، يضيف هذا الرجل ، تكترى ب 10000 درهما لليلة لإحياء ليلة واحدة، ولا يهم أصحاب البيوت سوى هذه الملايين من الدراهم التي تذرها عليهم هذه المناسبة، فالليلة تحضرها فرقة عيساوة أو احمادشة وعرافات وساحرات وشعوذة ودجل ، ورقص هستيري وتحير وجذبة وضرب الرأس بسكاكين حادة وأكل الزجاج وجرح الأرجل والسواعد وشرب الدماء وبخور …وغيرها من طقوس مميزة لليلة .
الظاهر كذلك، ونحن نجري هذا التحقيق الخاص أن الحديث عن (إنزال) مرتقب للشواذ والذي كان متداولا بكثرة في وقت سابق قابلته صرامة نسبية من طرف السلطات، حيث قبل بداية الموسم بيومين تم القبض على مجموعة من الشواذ كانوا يحاولون ممارسة طقوسهم الخاصة في الموسم، كما أن السلطات تتربص بكل من شكت فيه أو في ميولاته بإبعاده عن الموسم، وحتى الصحافة لم تسلم من هذا الترصد رغم أن من يحقق ليس هو من يمارس طقوسه الشاذة.
الملاحظ أيضا، أن هؤلاء الشواذ وإن كانوا موجودين لكنهم لا يتعمدون الظهور بألبسة أنثوية يمكنها أن تثير استفزاز السلطات وحتى وإن كان تحقيقنا لم يصادف الكثير منهم إلا أن هذا لا يعني هجرهم لموسم سيدي علي بن حمدوش خصوصا وأنهم يعتبرونه قبلتهم السنوية لتبادل الخبرات كما أكدت العديد من التصريحات التي استقيناها . إدريس من سكان المنطقة صرح بأن ظاهرة الشواذ نشطت السنة الماضية بفضاء الموسم وبشكل فاضح حيث شهدت احتفالاتهم طقوسا مستفزة لنا ، إلى درجة أن احتفالاتهم كانت أمام مرأى من العامة ، استخدمت فيها العمارية لحمل الرجال في صورة نساء أما هذه السنة فقد رصدتهم عيون السلطات واعتقلت الكثير منهم وذلك نتيجة الصحافة التي قامت بدورها الوطني ، لأننا لا نطيق ونحن سكان المنطقة المعروفين بمحافظتنا على القيم الأخلاقية والإسلامية أن نشاهد هذه المناظر المخلة بالقيم والمستفزة لنا أما أحد الشباب والذي فضل ألا يكشف عن اسمه صرح لنا في جواب عن سؤال إذا ما فكر الشواذ أن يتخلصوا من رقابة السلطة ماذا عساهم فاعلون لن نسمح للشواذ بان يعكروا صفو الموسم الذي تحج إليه أفواج من العائلات المحترمة من كل مناطق المغرب ومستعدون أن نعمل (شرع) أيدينا في كل مخنث سولت له نفسه أن يختبر نفسه لنشر الفساد في بلدتنا ، غير أنه والى حدود الآن فالسلطة تقوم بواجبها على أحسن وجه في طرد المشبوهين ، أما أثناء إحياء الليالي في البيوت فان السلطات اصرت هذه السنة أن لا تسمح لحد أن يقيم حفلا إلا إذا أخذ تصريحا من السلطة المحلية التي تترصدهم جيدا ، وعين السلطة لا تنام كما يقال .
حسب فرد من القوات المساعدة(المخازنية) ، فهذه السنة لم تعرف مشاكل مقارنة مع السنوات الماضية، فالسلطات قبضت على 64 من الشواذ وقدمتهم إلى المحكمة الابتدائية بمكناس. وتم التعرف على البعض منهم عن طريق تخضيب أيديهم بالحناء كعلامة دالة على هويتهم الشاذة. غير أنه يلاحظ أن هذه الظاهرة التي انتشر خبرها عند العامة قللت من إقبال الناس على زيارة الموسم هذا العام ، لأن سمعة الموسم ساءت عند الزوار، وأصبح الفضاء قبلة للشواذ بدل زيارة الضريح كما أشار إلى ذلك تاجر اللحوم المفرومة (الكفتة)..
.وبالرغم من أن القانون المغربي يحضر هذه الظواهر الشاذة مثل زواج الشواذ الذي أصبح سيدي علي بن حمدوش محجا لهم والشعوذة والدجل ، وبالرغم من أن الفضاء هو لولي صالح فإن البون يبقى واسعا بين القانون والأعراف وما يمارس على واقع الحياة . مفارقة !!!
حساب السياسة
أمام الضريح نصبت لافتة بيضاء كتب عليها بالخط الأحمر(بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف الشرفاء الحمدوشيون يرفعون آيات الولاء والإخلاص لمولانا أمير المؤمنين أيده الله بنصره) .
تذكرت قول القيم على الضريح الذي رفض مقابلتنا واستعان بزميله لأجل مراوغتنا ، ولما حاصرناه بأسئلة بدت له مستفزة ، قال بلغة أشبه بالتحدي (سيروا في حالكم وخلوا الناس تكسب رزقها) وليسد باب الحوار ويقطع الشك باليقين أضاف ( الله ينصر سيدنا ..الله يحفظ الملك ..سيروا في حالكم واتركوا المساكين يكسبوا رزقهم..فتشوا عن حرفة أخرى ) .
حين وصولنا إلى لالة عائشة قلت لصديقي اليساري خالد : لالة عائشة مولات المرجة عندها شعبية أكثر من حزبكم التقدمي والوطني والديمقراطي ..والشعبي..و..
قاطعني صديقي وهو يتفجر ضحكا هنا تكمن قوة الإسلام السياسي ، قالها كأني به يرد الصاع صاعين ، فما كان مني إلا أن أرد عليه الصاعين بثلاث : لو دعوتهم للصلاة لما استجابوا، بله أن تدعوهم إلى تبني خيار المعارضة في طبعتها الإسلامية . مفارقة !!!
في اليوم الأخير من الاحتفال يحضر والي جهة مكناس تافيلالت والسيد العامل على الإقليم لتقديم هدية القصر الملكي ، وهي عبارة عن عجل اسود سمين لف في قماش أخضر يقوده (تواركة) ويتقدمهم رجال السلطة المحلية على نغمات عيساوة في دروب ضيقة و منحدرة إلى أسفل القرية حيث يرقد سيدي علي بن حمدوش .
سؤال:
إذا كان المخزن في المغرب عبر تاريخه يدخل مع تنظيم الزوايا في صراع مرير عبر جدلية العصا والجزرة من أجل استمالتها لبسط نفوذه وتحقيق الشرعية الزمانية والروحية لنظامه كما يذكر ذلك الأنتروبولوجي المغربي عبد الله حمودي في كتابه الشيخ والمريد وكذلك نورالدين الزاهي في مؤلفيه الحزب والزاوية وبركة السلطان ، فما هي أهداف المخزن الحديث من الزوايا؟؟ .
قد يقول قائل ، وهو ما طالعته في مقالات كثيرة، أن الاهتمام بالتصوف حالئذ هو مطلب أمريكي من أجل محاربة الإسلام الاحتجاجي .
قد يكون الأمر صحيحا ، وقد يكون هذا القول مجرد أضغاث أوهام تروجها الدعاية (القومجية والاسلاموية) التي تؤمن ( بنظرية المؤامرة) كما يزعم التيار المحسوب على الهوى الأمريكي.
والله أعلم
يتبع